مدينة الخليل
الموقع والتسمية
الخليل واحدة من أعرق المدن الفلسطينية و أقدمها و أهمها على الإطلاق و يقولون إنه إذا كانت القدس هي التاج الذي يزين رأس البلاد، فإن الخليل هي النجمة المتألقة على ذاك التاج.
تقوم الخليل على سفحي جبلين هما: جبل الرميدة و جبل الرأس من سلسلة جبال فلسطين الوسطى. و لموقع المدينة هذا خصائص مميزه ساهمت في ازدهارها و تطورها على مدى الزمن.
تقع الخليل اليوم جنوب غربي الضفة الغربية و هي بذلك في وسط فلسطين التاريخية و إن كانت اقرب إلى الشمال الشرقي منها إلى الجنوب الغربي.
عرفت المدينة بأسماء كثيرة عبر العصور التاريخية المختلفة و أهمها: الاسم الحالي، الخليل أو خليل الرحمن، حبرون، قرية أربع و أبراهام.
أطلق الكنعانيون على هذه المدينة اسم كريات أربع لأنها تكونت في البداية من اتحاد أربع قرى، و يقال أيضا أن هذا الاسم هو نسبة لملكها الكنعاني المدعو "أربع" و المنتمي إلى قبيلة العناقييين، ثم عرفت المدينة لاحقا باسم جدرن، أو جبري ، و لما اتصلت ببيت إبراهيم سميت "الخليل" نسبة إلى خليل الرحمن، النبي إبراهيم عليه السلام.
عندما احتلها الفرنجة عام 1099 م أطلقوا عليها اسم أبراهام ثم عادت إلى اسمها الخليل بعد جلاء الفرنجة عنها، و يقال إن موسى عليه السلام دعا المدينة باسم حبرون نسبة إلى أحد أولاده، و حبرون اسم عبري يعني عصبة أو صحبة، أو رباط ، أو اتحاد.
الخليل عبر العصور :
يعود تاريخ الاستيطان البشري في الخليل إلى العصر الحجري الحديث و قد قام الدكتور فيليب هاموند من جامعة يوتا بعمليات تنقيب عن الآثار في تل الرميدة و هي العملية التي أوقفت بسبب حرب حزيران عام 1967 ، اتضح منها أن تاريخ المدينة يعود إلى أكثر من 2500 سنة من اليوم، و قد كان للمدينة منذ العصر البرونزي الوسيط سور يحميها يبلغ سمكه 36 قدمان بني عام 1728 قبل الميلاد و كانت به أبراج و أبواب و دفاعات أخرى متطورة.
تشتهر الخليل أكثر من أي شيء آخر بكونها مدينة النبي إبراهيم الخليل الذي يعتقد أنه سكن فيها لبضع سنين في أوائل القرن التاسع عشر قبل الميلاد تحت بلوطات ممرا أو بطمات ممرا الواقعة شمالي المدينة.
و عندما توفيت زوجته "سارة" في تلك الأثناء دفنها في " مغارة المكفيلة" التي اشتراها هي و حقلها من " عفرون بن صوحر الحثي" و دفع ثمنها أربعة مائة شاقل فضة كما يروي العهد القديم . و تشير التوراة إلى أن النبي موسى لما بعث جواسيسه ليستكشفوا أحوال المدينة غادروها و معهم شيء من رمانها و تينها و عنقود كبير و ثقيل من عنبها لزم رجلان لحمله.و قد اتخذ داود بن سليمان الخليل قاعدة له لمدة سبع سنين و ستة أشهر.
و لما استولى على يبوس " القدس" انتقل إليها و جعلها عاصمة مملكته، في العقد الروماني كانت قصبة الجبال الجنوبية هي بيت جبرين، أما الخليل فكانت بلدة متواضعة، بل قرية عرفت باسم “Chepron” و كانت فيها قلعة أقيمت بجانب مقبرة إبراهيم و عائلته.
أما السور الضخم الذي يحيط بالحرم الإبراهيمي الشريف اليوم و الذي يعد من أروع الآثار الفلسطينية فهو من بقايا بناء شيده هيرودوس الآدومي الذي ولد المسيح عليه السلام في آخر أيام حكمه. في أيام حكم الإمبراطور البيزنطي "جوستنيانوس" أقيمت كنيسة على مقبرة إبراهيم و عائلته، هدمها الفرس في غاراتهم على فلسطين عام 614 م، و بقيت كذلك إلى أن دخل العرب المسلمون المدينة. و يظهر أن الخراب الذي لحق بالخليل بسبب الغارة المذكورة كان كبيرا لدرجة أن لا يوجد ذكر للخليل في الفتوحات الإسلامية، و لكن الأمويين شيدوا سقف الحرم الحالي و قاموا ببناء القباب التي فوق مراقد إبراهيم و اسحق و زوجاتهما.
استولى الفرنجة على الخليل عام 1099 م الموافق 49 هجرية و أطلقوا عليها اسم قلعة القديس أبراهام، و اخذوا يهتمون بتحصينها حتى أضحت تتحكم بكل المنطقة. و في عام 1168 م صارت الخليل مركزا لأبرشية و بين عامي 1171- 1182 م بنيت كنيسة على موقع الحرم الإبراهيمي الشريف و إلى الغرب منها شيدت القلعة. و في العام 1187 م ، بعد معركة حطين حرر القائد صلاح الدين الأيوبي المدينة من الفرنجة و حول كنيستها إلى جامع ، هو الحرم الإبراهيمي الشريف الحالي و نقل إليه منبر عسقلان الذي كان المستنصر بالله أبو تميم الفاطمي أمر بصنعه عام 484 هجري، و ما زال هذا المنبر قائما إلى يومنا هذا. في العهد المملوكي أخذت مدينة الخليل تنمو و تتسع و تتقدم في جميع الميادين، لا سيما و أن السلاطين عنوا بعمارة الحرم الشريف و تزينه مما جعله من أفخم مساجد الدنيا و هكذا انتقلت الصدارة مجددا من بيت جبرين إلى الخليل.
يعتبر عصر المماليك في فلسطين الذي استمر حتى العام 1516 م من أزهى عصورها التاريخية، فقد أكمل المماليك إجلاء الفرنجة عن الأراضي المقدسة حيث تعرضت الخليل في هذه الفترة لغزو مغولي مدمر و لكن المماليك ردوهم ، و اهتم سلاطين المماليك بالخليل كثيرا فأصبحت مركزا للبريد خاصة بين مصر و بلاد الشام عبر غزة و كانت المدينة تضم عددا من المدارس أهمها القيميرية و الفخرية. أما العيون التي استقت منها المدينة فأهمها: عين سارة، عين الحمام، عين الشمعية، أما المقابر فأهمها: مقبرة البقيع و المقبرة السفلى.
استولى العثمانيون على الخليل عام 1517م الموافق 922 هجري،إثر معركة مرج دابق و من أهم الأحداث التي تعرضت لها الخليل أثناء حكمهم وقوعها في يد إبراهيم باشا ابن حاكم مصر آنذاك محمد علي باشا، بين عامي 1831 – 1840 م. ثم خضعت من العام 1917 م كغيرها من المدن الفلسطينية للانتداب البريطاني و ارتبط مصيرها بعد ذلك بظروف الحرب العالمية الأولى و انتصار الحلفاء على الدولة العثمانية.
السكان و النشاط الاقتصادي:
اشتهر أهل الخليل في العصور الحديثة بأنهم تجار مغامرون فقد اتجهوا منذ القرن الثامن عشر إلى مدينة الكرك و قراها و استقروا فيها حتى أضحت التجارة تقريبا في أيدي بضعة تجار منهم و في أيدي أصحاب الحوانيت الذين نزلوا القرى و جنوا من ذلك أرباحا كبيرة.
يزيد عدد سكان الخليل اليوم عن مئة ألف نسمة، لم تكن الخليل تضم أكثر من 7000 أو 8000 نسمة عام 1838 م ، و بلغ عدد سكان المدينة عام 1922م حوالي 16577 نسمة منهم 2.6% من اليهود و الباقي من العرب المسلمين .
ارتفع عدد سكان المدينة عام 1931 إلى 17531 نسمة، و في العام 1945 قدر ب 24560 نسمة، كان من بينهم 2000 يهودي و استمر عدد السكان في التزايد حتى وصل إلى 168,700 نسمة حسب إحصائية عام 2007 ، ليشكل عدد سكان المدينة اقل قليلا من عشر سكان الضفة .
من العائلات الكبيرة و المعروفة في المدينة: النتشة، أبو اسنينه ، القواسمي ، الجعبري ، عمرو و العديد من العائلات الأخرى.
الصناعات و الحرف التقليدية:
برع سكان الخليل منذ القدم في الزراعة و الصناعة و التجارة، و تعتبر الخليل من المدن النشطة اقتصاديا، و رغم أهمية الزراعة و التجارة في مدينة الخليل و منطقتها فإن للمدينة شهرة لا تنازع بكونها مركزا للصناعات الحرفية التقليدية و على رأسها: الزجاج، الخزف ، الفخار، الحجارة ، الجلود، الأحذية و غيرها.
أما الزراعة التي تمثل موردا اقتصاديا هاما للمدينة فتأتي في المرتبة الثانية، و من أهم المحاصيل الزراعية: الحبوب، الخضار و الأشجار المثمرة مثل العنب، الزيتون، اللوز ، الفواكه الأخرى.
و قد زادت أهمية المدينة كمركز تجاري بعد ارتفاع مستوى المعيشة و تطور وسائل النقل فاتسعت الأسواق المركزية و بنيت أسواق متخصصة جديدة.
أما بالنسبة للصناعات و الحرف فقد مارس سكان الخليل الصناعة منذ القدم حتى إن بعض حارات المدينة سميت بأسماء هذه الحرف مثل : سوق الحصرية، سوق الزجاجين ، سوق الغزل، و للخليل اليوم شهره كبيره في صناعة الزجاج و الخزف و الفخار و دباغة الجلود و الأحذية، و صناعة الأكياس الكبيرة من شعر الحيوانات، و معاطف الفرو، النسيج و الملابس، و الصناعات الخشبية، و الصناعات الغذائية و الورق و منتجاته، و النشر و الطباعة، و تصنيع المواد المعدنية و مشتقاتها و صناعة الأدوات الكهربائية
النشاط الثقافي:
هنالك العديد من المدارس المنتشرة في محافظة الخليل و التي هي في تزايد مستمر و التي قدرت بأكثر من 300 مدرسه حكومية العديد و أيضا ما يقارب 30 روضة، كما يوجد جامعة الخليل، كلية العروب، جامعة القدس المفتوحة، و جامعة بوليتكنك فلسطين.
و قد تأسست في الخليل العديد من الجمعيات الأهلية التي تمارس الأنشطة الثقافية ضمن برامجها مثل: رابطة الجامعيين التي تأسست عام 1953 و التي تعمل على خدمة الطلبة، و جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني التي تأسست عام 1968 و تشرف على مجموعة من الروضات و مراكز تأهيل و تدريب معلمات رياض الأطفال بالإضافة إلى عيادات طبية و مستشفى و مركز تأهيل.
كذلك جمعية سيدات الخليل الخيرية و تشرف على مركز لتعليم الخياطة و حياكة الصوف و يتبع لها "بازار" خيري و مشروع حضانة داخلي و خارجي، الجمعية الخيرية الإسلامية ، جمعية الإحسان الخيرية، مركز شابات الخليل، جمعية التعاون الفرنسي، بيت الطفل الفلسطيني، مركز فنون الطفل الفلسطيني، مركز الفنون التشكيلية، مركز إسعاد الطفولة، أيام المسرح، رابطة الشباب الدولي.
الأماكن التاريخية و الأثرية في المدينة:
تحتوي المدينة على عدد كبير من المواقع التاريخية و الأثرية و الدينية الهامة...
تقسم مدينة الخليل اليوم إلى حارات، منها ما هو قديم و تتركز في البلدة القديمة على أطرافها أي وسط المدينة بجانب الحرم الإبراهيمي الشريف حيث الشوارع ضيقة و البيوت قديمة و المحال التجارية متلاصقة و من أهم هذه الأحياء: حي المشارقة الفوقا، المشارقة التحتا، قيطون،القزازين،السواكنة،القلعة،بني دار، الإسكافية، حي الشيخ علي بكاء، السهلة، المحتسبية، قنطرة الحمام، قنطرة الشلودي، حوش تريترة.
كما يوجد فيها العديد من الأسواق الشعبية و التاريخية منها: سوق اللبن، القزازين،خزق الفار،خان شاهين.
أما الحارات الحديثة فهي منتشرة في المدينة بشكل عام و من أهمها عين خير الدين،عين سارة،نمره،واد التفاح،أبو اكتيلة، الرامة، الجلدة،واد الهرية،جبل الرحمة، الجامعة، الحاووز (الأول و الثاني) ، ننقر،عيصى، دوير بان، بئر المحجر، حبايل الرياح، ضواحي (الإسكان،الزيتون، الموظفين) و غيرها من الأحياء المنتشرة في أرجاء المدينة.
عدا الحرم الإبراهيمي هنالك سبعة مساجد تاريخية في البلدة القديمة و مقام واحد يدعى "مقام الشبلي" و تتوزع مساجد البلدة القديمة على كل حاراتها و من أهم هذه المساجد:
مسجد آل عثمان في حارة العقابة، مسجد الكيال في السهلة،مسجد الأقطاب و مسجد آل السنية في الحسبة، مسجد القزازين الكبير في حارة القزازين، مسجد القزازين الصغير في القصبة، مسجد المؤمنين في حارة السواكنة.
من الأماكن الأثرية الموجودة في المدينة بالإضافة إلى الحرم الإبراهيمي:
رامة الخليل،كنيسة المسكوبية ، بلوطة إبراهيم، بركة السلطان، مشهد الأربعين، متحف الخليل، مقام فاطمة بنت الحسن رضي الله عنها.
الأماكن الترفيهية:
هنالك العديد من الأماكن الترفيهية في المدينة منها:
نادي أضواء المدينة، مجمع الخليل السياحي،نادي الفروسية ،استراحة و منتزه ابن رشد بالإضافة إلى المنتزهات المنتشرة في باقي المحافظة مثل منتزه حلحول،بيت كاحل،بيت أولا،مجمع الكهوف السياحي، و غيرها من المنتزهات و المطاعم و الاستراحات.
قرى محافظة الخليل:
1- القرى المهجرة عام 1948:
برقوسيا، بيت جبرين، بيت نتيف، تل الصافي، خربة أم برج، الدوايمة، دير الدبان، دير نخاس، زكريا، زكرين، زيتا، عجور، كدنا، القبيبة، مغلس.
2- قرى المحافظة الأخرى:
إذنا،بني نعيم،بيت أمر، بيت أولا، بيت عوا، بيت كاحل، بيت عينون، ترقوميا، تفوح، حلحول ، خاراس ،دورا، الريحية، سعير، السموع، الشيوخ، صوريف ، الظاهرية،نوبا، يطا.
3- مخيمات المحافظة:
مخيم العروب، مخيم الفوار.