المجاهد في سبيل الله مشرف قســم
عدد الرسائل : 268 العمر : 42 المزاج : 0 ا المهنة : الهوايــة : : .. : تاريخ التسجيل : 24/05/2008
| موضوع: يقول تعالى: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ w وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَ الإثنين يوليو 28, 2008 11:06 pm | |
| يقول تعالى: وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ w وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران 104-105]. هذا النص القرآني المبارك يؤسس لفكرة ودور الأمة القائمة بالقسط، وهو التعبير الذي تمّ تحديده وتداوله في النصوص القرآنية بوصفه الوظيفة الدينية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية الأهم التي تتحمّل مسؤولية القيام بها الجماعة المؤمنة، فقال تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [النساء 135]. وقال جلّ جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة 8]. كما أنه سبحانه وتعالى أصّل لهذه الوظيفة عبر اعتبارها الغاية النهائية من وراء إرسال الرسل وبعث الأنبياء وإنزال الكتب فقال: َقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحديد 25]. وكل هذه التأكيدات والتحديدات تفصح عن الأهمية التي يحظى بها الدور الاجتماعي الذي تقوم به الأمة الصالحة والقاسطة في المجال العام، مما لا يجيز أبداً أيّ تقهقر أو ضعف في القيام بهذا الدور، فضلاً عن محاولة التخلي عنه والانسحاب من ضرورة الالتزام به، وذلك لأنه حينما يختل أداء هذا الدور الخطير من قبل الكل الوظيفي الذي هو الأمة القائمة بالقسط فإن ذلك يؤذن بالضعف والهوان والانحطاط، وهو ما أراد الرسول الأكرم (ص) تسليط الضوء عليه حينما قال: (يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قيل: أو من قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل، ولتنزعن المهابة منكم، وليقذفن الوهن في قلوبكم، قالوا: وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) [الملاحم والفتن، السيد ابن طاووس، ص 373]. وهذا المفهوم عن "الأمة القائمة بالقسط" والدور المطلوب منها القيام به في تحقيق متطلبات الإصلاح الاجتماعي الشامل والحفاظ عليها عبر الالتزام العام بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى كما أشار إلى ذلك سبحانه وتعالى بقوله:..وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة 2]، هو ما يعرّفه الباحثون في علم الاجتماع السياسي المعاصر بعنوان "الكل الوظيفي"، الذي يعيش قوة الاجتماع السياسي الذي تشكله الأمة الواحدة، وهو ما يضمن لها التحرر من كل سلطة سياسية مستبدة تصادر حقها في العيش الحر الكريم، يسهم أيضاً في تحديد طبيعة العلاقة بين الأمة والنظام السياسي الذي يحكمها ويدير مصالحها العامة بالنيابة والوكالة عنها، لأن (النظام السياسي نظام قانوني لحراسة الوظائف والمهن، والمهنة أو الوظيفة هي روتين يومي لإنجاز مهمة ما، وفي مختلف أنواع الإنتاج يوجد الفلاح، والصانع، والقس، والتاجر، والحاكم.. وهلمّا جرا. وكل وظيفة ترتبط بشكل عضوي بالأخرى، فالكل يشكل عضوية وظيفية، وهي في تزايد عبر القرون. ويتدهور المجتمع عندما يتضح أن الكل الوظيفي لم يعد يستجيب للمطالب الجديدة في العصر التاريخي الجديد) [د. فريال حسن خليفة: فلسفة التحرير، ص 73]. | |
|