الحمد لله رب العالمين
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتهأحبتي في اللهإذا سألنا أي شخص مؤمن هل تحب الله ؟ فالجواب سيكون ببساطة : نعم. لكن إذا سألنا أحدهم هل يحبك الله ؟ فأكيد أنه سيتردد و يتلعثم عند الإجابة ، بل و ربما إن كانت علاقته بالله وطيدة اقشعر بدنه و أدمعت عيناه خوفا من أن يكون الله لا يحبه.لذلك أحببت أن أبعث هذا الموضوع الذي يبين علامات الحب المتبدل بين الله و عباده عامة و بينه تعالى و بين عبد من عباده خاصة.1- حب العبد لله تعالى:
المؤمن المحب لله تعالى تتحقق له لذة وحلاوة تطغى على وجدانه وقلبه لا تكون لغيره من عباد الله. وقد روى أنس بن مالك (رض) عن رسول الله (ص) أنه قال: ( ثلاث مَن كن فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار).
أورد القرطبي في تفسير قول للصوفي سهل بن عبدالله عن حب الله تعالى يقول فيه: ( علامة حب الله حب القرآن، وعلامة حب القرآن حب النبي (ص)، وعلامة حب النبي حب السنة، وعلامة حب الله وحب القرآن وحب النبي وحب السنة حب الآخرة، وعلامة حب الآخرة أن يحب نفسه، وعلامة حب نفسه أن يبغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا ألا يأخذ منها إلا الزاد والبلغة –الضرورة-).
2- حب الله لعباده: يقول النبي عليه أفضل صلاوت الله و سلامه "
يتنزل ربنا تبارك و تعالى تنزيلاً يليق بجلاله في الثلث الأخير من الليل ينادي هل من تائب فأتوب عليه ! هل من مستغفر فاغفر له ! هل من طالب حاجة فأقضيها له ! و ذلك كل ليله .. كل ليلة "
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((
إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ هَلْ مِنْ تَائِبٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ))
(من صحيح مسلم ، عن " أبي هريرة )
3- علامات حب الله عبده: جاء في حديث قدسي: ( مَن عادى ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن؛ يكره الموت، وأكره إساءته).
و الولي هو الذي تجده عند الحلال وتفتقده عند الحرام .
إذن لتكون من أوليائه أطع الله، وأخلص له ، واجتنب نهيه ،..يتجلى الحب المتبادل بين الله و العبد في أن يتجه العبد بكليته إلى الله تعالى فلا يصغي بسمعه إلا إلى ما يرضي الله، ولا يسرح بصره إلا بما أمر به الله تعالى، ولا يسعى بقدميه إلا إلى ما أمره الله أن يسعى إليه.كما يستفاد من الحديث أن أحب شيء إلى الله نتقرب به إليه هو الفرائض، ثم للفوز بحبه عز و جل علينا بالنوافل.يقول تعالى: ( سورة المائدة : من آية 35 )
ا لوسيلة أي شيءٍ قربك من الله عزَّ وجل
حديث قدسي : " من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً و من تقرب إلي ذرعاً تقربت إليه باعاً و من أتاني يمشي أتيته هرولة "
إذا أحب الله عبده شمله برحمته وعنايته، أما العبد فإذا أحب الله تعالى أطاعه، واشتاق للقائه فتصبح الدنيا هيّنة عنده، ويتمنى لقاء ربه مما يجعله مجاهداً قوي العزيمة في سبيل الله لا يهاب الموت، ولا يطول أمله بالدنيا.
وعن عدم خوف الموت يتناقل الصوفيون خبراً مأثوراً فيه: ان إبراهيم (ع) قال لملك الموت عندما جاء لقبض روحه: هل رأيت خليلاً يميت خليله؟
فأوحى الله تعالى للملك: هل رأيت محباً يكره لقاء حبيبه؟
فقال: يا ملك الموت الآن فاقبض.و في حديث ( إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال له: إنني أحب فلاناً، فأحبه. قال فيحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء فيقول: ان الله يحب فلاناً، فأحبوه، فيحبه أهل السماء. قال: ثم يجعل له القبول في الأرض).
أحبتي في الله أين نحن من سيدنا حمزة الذي نذر - منذ أسلم- كل عافيته وكل بأسه ، وكل حياته لله ولدينه ، حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم فقال : ((حمزة أسد الله وأسد رسوله)) .
اللهم إنا نحبك و نحب حبيبك ونحب من والاك ، فارزقنا حبك و امنن علينا يا أرحم الراحمين و صلى الله والسلام على سيدنا و حبيبنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.