حتى الساعة التاسعة من صباح اليوم الأربعاء، يفترض ألا يكون أحد من خارج الدائرة القيادية الضيقة في حزب الله و المجموعات التي نفذت العملية، اطلع على مصير الجنديين الإسرائيليين الذين خطفهما حزب الله عام 2006 قرب عيتا الشعب، إلا أن صحيفة الأخبار اللبنانية، المقربة من حزب الله، لفتت، بحسب مصادر واسعة الاطلاع وفي عودة الى الوقائع التي حصلت عشية وصباح تنفيذ الهجوم، إلى حقيقة أن أحد الجنديين قتل أثناء الهجوم الصاعق، فيما لم يكن لهذه المصادر القدرة على تشخيص حالة الجندي الآخر، علماً بأن إسرائيل تتصرف على أساس أنها تلقت ما يكفيها من معلومات ذات طابع استخباري تؤكد أن الجنديين قتلا.
في مسرح العملية، التقط مصورون من الجانب الإسرائيلي لقطات لسيارة هامر إسرائيلية محترقة، ومن يومها يكتب أسفل الصورة المستعادة أنها السيارة التي احترقت بفعل العملية، ما يوحي بأن الأسلحة التي استخدمها المقاومون خلال الهجوم، أدّت الى حرقها وتدميرها بالكامل، لكن المصادر المطلعة نفسها تحدثت عن أن فريق الهجوم تألف من عدة مجموعات، بينها مجموعة تولت الهجوم المباشر بالقذائف الصاروخية، وتولت أخرى توفير الغطاء الناري بالرشاشات الخفيفة والمتوسطة، بينما تولت ثالثة قصف النقاط العسكرية ذات الحساسية المباشرة بالعملية، وكانت مهمة الرابعة تجاوز الحدود والاستعانة بحمالات خاصة نُقل بواسطتها الأسيران الى سيارة مدنية تولت نقلهما الى مكان ليس ببعيد حيث جرى تبديل السيارات وكان واضحاً أن أحد الجنديين قد فارق الحياة.
في العملية تحركت سيارتان مصفحتان تقلان ستة جنود. قصفت السيارة الخلفية بقوة أدّت الى قتل وجرح من بداخلها. أما السيارة الأولى، فكانت هي أيضاً في مرمى النيران. لكن الإصابات أخذت شكلاً مختلفاً. كان المقاومون تدربوا على كيفية إصابة سيارة مصفحة دون إحراقها بالكامل، وكيفية توجيه الصليات الغزيرة من النيران باتجاه جنود مدجّجين بالسلاح دون إصابتهم إصابة قاتلة، باعتبار أن الهدف الرئيسي كان الهامر الأمامي، وكان المطلوب أسر الجنود من داخله. وقد جهز المقاومون حتى بأدوات لفتح أبواب السيارة المصفحة إذا أغلقت من الداخل.
أطلق المقاومون، بحسب المصادر، ثلاث قذائف صاروخية من طراز «آر بي جي» باتجاه الهامر، فانفجرت في الجانب الذي يجلس فيه غولدفاسر وريغيف، وأدّت إلى إصابتهما ولم يكن لمن في السيارة أي فرصة للتحرك. خرج جنديان باتجاه حرج قريب. بينما اقترب المقاومون وسحبوا منها الجنديين، غولدفاسر وريغيف، وبينما كانت المجموعة المكلفة نقل الجنديين في طريقها الى المنطقة «الآمنة» بحسب قاموس المقاومين، كانت «مجموعة التنظيف» تتولى سكب كميات من البنزين على سيارتي الهامر وإحراقهما بالكامل، وأخذ كل ما يمكن أن يتحوّل الى دليل يساعد العدو في كشف حقيقة ما حصل، أو الحصول على ما يشير الى مصير الجنديين.
العملية صوّرت بالكامل، وثمة شريط تقول المصادر المطلعة «إنه يتضمّن عرضاً مذهلاً لكيفية نجاح المقاومين في تحقيق إنجازهم في وقت قياسي ومن دون أي إصابات»، علماً بأن قيادة المقاومة تدرس أفكاراً عدة في ما خصّ عرض هذا الفيلم، الذي لم تصبه آلة الحرب الإسرائيلية في عدوان تموز، علماً بأن تحقيقات ظلت خارج التداول، كشفت عن أن إسرائيل كانت تردّدت في قصف أحد المباني التي تعد من مقارّ الحزب خشية أن يكون الأسيران محتجزين فيه.
الصحيفة اللبنانية تفيد أنه عشية العملية، كان القائد العسكري في حزب الله الشهيد عماد مغنية في ضيافة إحدى الشخصيات المعنية بعمل المقاومة، تركه في وقت مبكر بخلاف عادته. سأله مضيفه أن يبقى، لكن الحاج رضوان أبلغه بأن لديه عملاً شاقاً ينتظره، وطلب إليه الدعاء. وعندما نفذت العملية، تواصلت هذه الشخصية مع الحاج رضوان، قدّمت له التهئنة على الإنجاز الكبير. وتشاور الرجلان في أي اسم يطلق على العملية. أطلع رضوان صديقه على مجموعة من الأفكار، قبل أن تقترح الشخصية الصديقة، اسم «الوعد الصادق» موضحة أن في ذلك «إعطاء السيد حسن نصر الله حقه وهو الذي يفي بما يطلقه من وعود». لم تسأل هذه الشخصية الحاج رضوان عن مصير الجنديين، وسرعان ما اندلعت الحرب.