من حكايات الجدة ( أم رضوان ) عن قرية بشيت كانوا يخطفون العروس و يعيدونها ( بالكرابيج ) !! التاريخ: 1429-3-24 هـ الموافق: 2008-03-30 20:57:34
لوحة تجسد العرس في التراث الفلسطيني --------------------------------------------------------------------------------
'يلتف الأطفال حولها كما كل مساء ، يدفعهم الشوق لسماع حكايات جدتهم عن أيام البلاد ، تلك البلاد التي عاشت في أرواحهم و مخيلاتهم الصغيرة منذ أن جاؤا الي الحياة لاجئين بالوراثة ، هي حكايات الأرض و أشجار الزيتون الصامدة .
تتفقد الجدة أحفادها الصغار واحدا واحدا ، قبل أن تقص عليهم حكاية الليلة، حتى أن أحفادها الكبار شعروا بالغيرة فلم يستطيعوا مقاومة فضولهم و إبداء رغبتهم بسماع ' خراريف' الجدة.
في تلك الليالي كان الصمت يسود سريعا في المكان، لتبدأ الجدة أم رضوان حكاياتها الدافئة '
' كانت يا ستي بلادنا حلوة ، فيها حواكير برتقال و زيتون ، و أراضي واسعة مزروعة قمح ، سنابله ذهبية بلون الشمس ، كانت الأرض أرضنا وكنا عايشين في أمان و راحة بال ، ملوك في وطنا ' .
صمتت الحاجة أم رضوان لبرهة ، ارتسمت علي ملامح وجهها الذي حفرت فيه السنين أخاديد غائرة علامات التذكر ، فبالرغم من أن الحاجة أم رضوان تجاوزت عامها الخامس و الثمانين إلا أنها لازالت تحتفظ بتفاصيل كثيرة عن بلدتها الأصلية بشيت ، فتصف الحياة في قرية بشيت قائلة : كنا نطهو علي النار ، ونصنع خبز الطابون ، كانت بيوتنا مصنوعة من الطوب ، وبعض أهل القرية سكنوا في بيوت صنعت من الحجارة في أخر عهدنا هناك ، وفي القرية مدرسة يتعلم فيها الأولاد القراءة و الكتابة ، أما البنات فلم يتعلمن إلا نادرا ، حيث كان شيخ القرية يعلمهن القرآن و الحساب ' .
خطف العروس
وكلمة بشيت تتكون من شقين هما ( بيت ) و ( شيت ) ، وهي تعني بالآرامية القديمة ' قبر' ، وقد ذكر الطبري أن اسم شيت يعني 'هبة الله '، و يقال أيضا أن سبب تسمية القرية يرجع الي نبي اسمه شيت .
وعن عادات أهل القرية و مناسباتهم التي كانوا يجتمعون فيها بالأفراح و الأحزان ، تجمعهم الألفة و المحبة ، تقول الجدة :
' عندما كانت القرية تحتفل بزفاف أحد أبنائها ، يتقاسم الجميع الفرح و السرور ، وكان العرس يستمر عدة أيام تنتهي بيوم زفاف العروس بيت عريسها ، فيغني السامر في الأمسيات ، ويمثلون ( شنيعة) - أي بمعني مسرحية- يتنكر فيها رجل بلباس امرأة و يغطي وجهه و شعره ب (الشاش) ثم يخطف العروس و يهرب بها علي فرس ، فيلحقه العريس و بقية الأهل بالكرابيج (بالسياط) حتى يسترجع العريس عروسه المخطوفة و يأخذها علي فرسه ' .
تنهدت الحاجة أم رضوان بألم ينم عن وجع يمتد إلى 59 عاما ، متذكرة أيام النكبة و التهجير ، كأنما هي تنفض غبار الأيام عن ما تبق من الذاكرة التي أعيتها سنين الهجرة و اللجوء ، وهنا تبدأ حكاية أخري من حكايات الجدة .
حكاية النكبة و اللجوء
' في عام 48 هاجم اليهود يا ستي فلسطين بعد أن سلمها الانجليز لهم و احتلوا يافا و أسدود و دمروا كل القرى التي كانت في طريقهم ، حيث بدأ أهالي القرى المحتلة بالنزوح الي المناطق المجاورة، وتجمعوا تحديدا في قرية يبنا.
كنا نسمع عن مذابحهم التي ارتكبوها في القرى المجاورة ، الي أن هاجموا قريتنا و قتلوا فيها شباب بعمر الزهور ، حتى أنهم طعنوا الأطفال في أرحام أمهاتهم ، لم يبقوا علي شئ في القرية، احرقوا حقول
(جرون) القمح و اقتلعوا الشجر و دمروا البيوت ' .
صمتت الجدة قليلا لكن سرعان ما استوقفها حفيدها الأصغر خالد بسؤال طفولي: ' شو عملتوا يا ستي ؟ امتلأت عيني الجدة أم رضوان بالدموع وانسابت بحرقة علي خديها قبل أن تقول:
' حملنا أولادنا و هربنا من القرية نجري بهم بدون زاد ولا زواد ، تركنا الذهب و المال والأغلى منهم الأرض ، ظنا منا أننا سنعود ' .
لكنها كفكفت الجدة دموعها بكبرياء وتابعت :
' ويا ستي من يومها صرنا لاجئين ، عشنا في الخيام في ارض الله الواسعة ، مشردين من ديارنا الي أن بنت لنا الأمم المحتدة مخيمات لاجئين.
وتؤكد الحاجة أم رضوان أن أهل القرية هربوا من بشيت بعد أن دمرها ' اليهود ' الي قري مجاورة مثل المجدل و الجورة الي أن وصلوا قطاع غزة ، لكن الطائرات الصهيونية طاردتهم بقذائفها طوال هذه الرحلة المضنية التي أدمت أقدامهم ، فحفروا خنادق تحت الأرض أمام خيامهم ليحتموا من الموت .
وتنهي الحاجة أم رضوان حديثا قائلة: 'أرض بلادنا أغلى من قصور الأرض كلها '
هكذا تستمر حكاية الجدة التي بدأت قبل 59 عاما إلا أنها لم تنتهي بعد وستبقي تلك الأرض المسلوبة عهدا علي أجيال اللاجئين القادمة ، ستبقي في الذاكرة و الهوية الي أن يعودوا في يوم ما الي تراب الوطن .
أما قرية بشيت فهي تعتبر احدي قري قضاء مدينة الرملة ،حيث تحيط بها قرى يبنا و المغار و قطرة و ياسور .
دمر الاحتلال الإسرائيلي القرية في 13 5 1948 وبني فوق أرضها ثماني مستعمرات أقيمت جميعها في عام 1950 بعد أن طمس ملامح القرية ، ورغم ذلك لم يستطع أن ينتزعها من ذاكرة الأجيال القادمة.
بنت الخليل مستشارة ادارية
عدد الرسائل : 956 العمر : 32 المزاج : 0 : .. : تاريخ التسجيل : 25/05/2008
موضوع: رد: حكايات ستي الأحد مايو 25, 2008 3:30 pm
يالله حاسة حالي قاعدة معهم واكيد مهما صار رح اضل فلسطين عايشة فينا انا ما عشت بفلسطين بس هي عايشة بقلبي ويسلمو ايديك على هالموضوع الحلو