الأفعى الغاضبة
عادت أمينة الى شقتها أكثر قلقاً . . وغضباً. يحفها الإصرار على الانتقام لزوجها، لكن صدمتها كانت
قاسية جداً، عندما زارها مسؤول بالموساد، وبعد حديث طويل عن فدائيتها الشجاعة فاجأها بقوله:
- سيدتي - بعد هذا العناء الكبير . . يرى رؤسائي في الجهاز أنه من الواجب العمل على إراحتك . .
وحمايتك. وجئت اليك لأعرض رغبتهم في الوقوف على ما تريدينه، ولأطلعك على العمل الجديد الذي
ينتظرك، وهو بلا شك عمل مثير ويتناسب مع. . قاطعته أمينة قائلة:
- أتقصد سيدي إنهاء عملي في بيروت؟
وجاء رده أكثر حسماً:- وفي الموساد سيدتي . . وسوف تحصلين على .
لم تتركه أمينة يكمل جملته إذ انطلقت بكل الغضب الكامن بأعماقها تقول:
- لن أقبل ذلك أبداً . . فأنا ما جئت لإسرائيل هذه المرة إلا لأنني اهتززت قليلاً أمام موقف استدعائي.
ولماذا هكذا تستغنون عن خدماتي لكم بسهولة؟، بالرغم من أنني فرصة ذهبية لا يجب أن تضيعوها.
فأنا جئتكم بالكثير عن أخبار المقاومة التي تهدد مستعمراتكم في الشمال، وأطلعتكم على أشياء كانت
غامضة لكم، كل ذلك دون أن أقبض منكم سوى ألفي دولار.
- أرجو أن . .
- دعني أكمل من فضلك. هل تستطيع أن تؤكد لي أن أحد عملائكم جلس وتحدث مع علي حسن سلامة؟
أو أن أحدهم وصف لك مبنى قيادة المنظمة الفلسطينية من الداخل؟ أما أنا فقد دخلت لمكتب عرفات. .
وألتقي بسلامة مرتين أسبوعياً. وبواسطة جسدي هذا - (ورفعت عباءتها - جئتكم بالتليفونات السرية
لكل القادة الفلسطينيين، ليتنصت جواسيسكم هناك عليها. وخلعت ثيابي لكل كلب فينتهك جسدي لأجلب
كلم الأسرار . . والوثائق . . والمعلومات . . وفي النهاية تقولون لي ببساطة: شكراً . . !!
- سيدة أمينة . . نحن ما فكرنا إلا بحمايتك . . وما كنا سنبخس عليك حقك.
كانت أمينة ترتعد حقاً . . ويهتز بدنها كله وقد امتقع لونها . . واكفهر الوجه يغشاه اصفرار وهي تقول:
- هل تستطيع أن تجيبني لماذا أنا في إسرائيل الآن؟ ألأنني لا أجد مأوى بين اهلي. أم لأنني أحببت
يهودياً وتزوجته؟ . . لا أقول ذلك لأنني أحسست بـ الندم.. لا .. فأنا بعت الدنيا كلها من أجله.. بعت
أهلي . . وديني.. ووطني لأكون معه. ولأنه مات .. فأنا لن أكف.. نعم.. لن أكف وهل أنا عبء ثقيل
عليكم.
- الأمر ليس كما تعتقدين سيدتي . .
أردفت أمينة وصوتها كفحيح الأفعى، ينفث الغضب والكراهية كالسم:
- أبلغ رؤسائك أنني لن أتوقف أبداً، حتى ولو أدى الأمر لأن أغادر إسرائيل الى الأبد وعندها قد أفكر . .
وبعيداً عنكم .. بعملية انتحارية داخل مكتب عرفات شخصياً !!
انزعج الرجل .. وأسرع الى رؤسائه ينبئهم بالأمر . . وبلهجة الصدق والإصرار والغضب في صوتها.
وكان لا بد من إيجاد حل وإلا فهناك كارثة مؤكدة قد تقع بين لحظة وأخرى. ففي الحال . . صدرت
الأوامر للمطار بمنع آني موشيه بيراد - أمينة المفتي - من المغادرة