بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصل اللهم على سيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد..
فإن تمييعا يرتكبه معظمنا بحق قضية غزة عندما ندور حول المشكلة دون أن نلامس جوهرها، وذلك حين يطالب بعضنا بجمع الأموال لغزة، أو حين نندد بحصار اسرائيل لها، أو حين نطالب العرب أو المسلمين (جميعا) بكسر الحصار عليها !!!! وهي عبارات عامة جوفاء لا تمس الحقيقة ولا أصل المشكلة، فغزة لا تحتاج للمال حيث أن لديها كفايتها من عمل أبنائها في الداخل والخارج إضافة إلى المساعدات التي بادرت وتبادر بها الدول الشقيقة والصديقة، كما أن السلع الضرورية أيضا جاهزة من غذاء ووقود وغيره ومن مصادر متعددة، ولكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل سيسمح النظام المصري بدخول هذه المساعدات ولو بالحد الأدنى الذي تمليه الإعتبارات الإنسانية والأعراف الدولية؟؟ أم أن النظام المصري سيتمسك بالاتفاقيات مع إسرائيل رغم خرق اسرائيل لكافة المواثيق وضربها بعهودها عرض الحائط؟؟ فإلى متى سيظل هذا النظام يتصرف بمنتهى اللطف مع إسرائيل، في حين يتخير أشد الممارسات وقاحة مع المسلمين؟!! وإلى متى سيظل عناصر الأمن المصري أعزة على المسلمين أذلة للكافرين؟؟؟
هل أصبحت مصر بلدية إسرائيلية؟
لقد اعتقد المصريون والعرب لفترة طويلة أن كامب ديفيد أعادت سيناء لمصر، في حين تثبت الوقائع - لا سيما الأخيرة-، ان كامب ديفيد إنما أعادت بقية مصر لإسرائيل لتصبح مصر مجرد بلدية إسرائيلية يديرها حاكم عسكري معين من قبل تل أبيب!!!!
والحقيقة أن هذه النتيجة تبين مدى مكر اليهود ودهائهم، فإسرائيل التي بالكاد تضبط الأمن داخل الأراضي الفلسطينية، يستحيل عليها ضبط الملايين المصرية، مما استدعى إيجاد صيغة للسيطرة على تلك الملايين عبر عناصر (محلية) تنفذ السياسة الإسرائيلية بكل دقة، وتؤدي الغرض أو الأغراض التي ترمي الدولة العبرية إلى تحقيقها، والتي يتمثل أبرزها في مايلي:
ضبط الجموع المصرية وكبح جماحها عن المشاركة في العمل السياسي الإسلامي والعربي ، لاسيما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
تجويع الشعب المصري عبر سياسات زراعية واقتصادية موجهة، وصولا إلى مرحلة المجاعة والمآزق الكارثية المدبرة.
إذلال المواطن المصري وامتهان كرامته عبر جهاز الأمن، والذي هو مجرد امتداد لجهاز الموساد الإسرائيلي (كما سنبين إن شاء الله).
كبت المظاهر الدينية والتضييق على المسلمين، وترجيح كفة البغاء بالمقابل، لتحويل مصر من قطب إسلامي إلى بؤرة للفساد.
تنفيذ الأجندة الإسرائيلية على المستوى والدولي، كالتآمر على دول شقيقة أو إسلامية معادية لإسرائيل، والمشاركة في حصار الحركات المناهضة لإسرائيل، وباختصار التصرف كمحافظة إسرائيلية في الشأن الخارجي. وهو ما نقرؤه في حصار غزة اليوم، فلا مؤن ولا وقود ولا حتى سنت واحد يدخل دون موافقة اسرائيلية، بل إن الأمن المصري على الحدود يتلقى الأوامر بشكل مباشر من إسرائيل دون المرور بالقاهرة، ونقرأ ذلك بوضوح من خلال عبارة (الغائط) أبو الغيط، بالتوعد بكسر الأرجل وهي عبارة لا تخفى اللكنة االصهيونية فيها والتي تتفرد بهذه الممارسات (كسر الأرجل)، فحتى اللسان الذي يتحدث به النظام يهودي حتى الثمالة.
وهنا نسأل:
ماذا فعل زبانية النظام المصري منذ كامب ديفيد حتى الآن؟
ماذا قدموا للإسلام سوى مطاردة وتقتيل المسلمين في مصر المحروسة؟
ماذا قدموا للسنة (وهم الذي يؤججون الخوف لدى البسطاء ضد ما يسمونه خطر شيعي) سوى مطاردة الدعاة وكبت العلماء وإهانة الحجيج ومضايقة أهل السنن (حتى وإن كانت هذه السنة مجرد إطالة اللحية)؟؟؟
ماذا قدموا للعروبة (وهم يدعون الحفاظ عليها في مواجهة الخطر الفارسي !!!!) سوى التخلي عنها في كل قضية والانصياع لأعدائها في كل مناسبة؟؟؟
ماذا قدموا لمصالح بلدهم الاقتصادية سوى تحويل مصر من بلد الخيرات إلى وطن للمتسولين الجياع؟
كم يشكل النظام المصري وأذنابه من مجموع الشعب، هم الذين يتحدثون عن 80% من الشعب على أنهم فئات محظورة وخارجة عن القانون؟!
ماذا قدمت تنازلاتهم تحت مسمى (السياسات الواقعية الحكيمة) سوى الجوع والفقر، في حين تعيش شعوب أخرى يتهمونها (بالطيش والتهور) في رفاهية يحلم بها شعبهم؟
ماذا فعلوا لأمن المصريين غير ترهيب الشعب وإبقائه في حالة خوف وترقب؟! وهل بقي في مصر من يمارس الإرهاب سوى الأمن ذاته؟!
ماذا قدمت فبركاتهم التي يؤلفونها حول مؤامرات اكتشفوها وعمليات ارهابية أحبطوها (دون أدنى صحة لها) سوى إيصال مصر الى الحضيض؟!
ومن العجب أن تسمع من بعض المصريين عبارات تتبرأ أو تطالب العرب بالكف عن مضايقة مصر أو تحميلها همومهم!!!! وإن المسملين والعرب لم يعودوا ينتظرون من هذه الدولة حربا أو معونة، بل إن كل ما ينتظره العرب ويتمنوه، أن يروا مصر حرة أبية كما عهدها التاريخ، و أن يروا الشعب المصري قد تعافى من نظامه الذي أشبعه ذلا وقمعا، وحوله من مصدر الأبطال إلى وطن للمتسولين الجياع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.