من ينكر ان الفراشة جميله .. تتنقل بخفه ما بين زهور البستان .. يعطيها الزهر رحيقه بحب وكرم
هكذا كانت آلاء لوالدها صاحب الابناء الخمسه ..أحمد وصفاء ومعاذ ودعاء وصغيرتنا
وكونها اخر العنقود جعل لها منزله اخرى من الدلال عند افراد المنزل ..
كان أبا أحمد .. أكبر انسان في عين الاء الصغيرتين وأجمل ما تحب رؤيته ابتسامته وضحكاته العاليه عندما ترتمي على ظهره ويداعبها حملا وركضا
تكبر الاء و يزداد حبها في قلب ابيها الذي ولسبب لا تعرفه اصبح كثير الغياب عليها .. قد لا تقنعها الاسباب المهم ان تراه ويضمها الى صدر يحمل لها حنان فياضا وقلقا ان تكسر قسوة الواقع صفاء قلبها الصغير
وفي صباح من صباحات طفولتها الغضة .. استيقظت صغيرتنا في السابعه تماما .. فقد حان وقت وفاء اختها دعــاء بوعدها لتأخذها الى مدرستها التي طابما سمعت من اختها قصص زميلاتها ومعلميها وكان الشرط ان تستيقظ الاء مبكرا وقد كان
تيقظت الصغيره وايقظت اختها ومسرعه الى أمها ترجوها ان تمشط شعرها فذاك يومها الحافل
لم تترك دعاء مكانا في المدرسه لم تدخله ولا شخصا تعرفه الا وعرفته الاء ارضاءا لفضول ذات الاسئله الا منتناهيه
وبعد انتهاء يومهما عادا الى المنزل .. فما كان من الصغيره الا ان ارتمت على الاريكة متعبه وغاصت في نوم عميق
جائت الام من الطابق العلوي تتسائل ماذا فعلت صغيرتها فبادرتها دعاء
-لا تتعبي نفسك قد نامت ولن تستيقظ الان ابدا
الام وهي تمسح على رأس صغيرتها
- هل اتعبتها يا دعاء ..
-بل هي من اتعبتني اصرت ان اجول المدرسه غرفه غرفه واعرفها على كل من نلقى
الام بضحكتها الهادئة – سأجهز لك غدائك ريثما تبدلي ملابسك
ومرت بقايا اليوم سراعا
بينما جاء الأخ الأكبر " احمد " من الخارج نظر الى العروس الصغيره النائمة بعمق على الاريكة
-لم تنام الاء هنا ..
-أعدت يا احمد .. صفاء وهي تخرج من غرفتها
-اخذتها دعاء لمدرستها اليوم فعادت منهكه ونامت كما هي بملابسها .. احملها رجاءا الى الداخل
-هل عاد ابي اليوم ..؟؟ احمد بينا يمد ذراعيه ليحمل الصغيره ..
-اجل وهو نائم منذ ساعه وامي كذلك
وما ان استقرت الاء على ذراعي اخيها
- اذا بقرعات شديده الوقع على باب البيت
نظر احمد لصفاء نظرة فهمت معناها .. واسرع للصاله الداخلية ووضع الاء على اريكتها ومضى ليفتح
-ادخلي لغرفتك ونبهي اخواتك ليلبسوا حجابهم
-ما ان فتح الباب حتى توجهت اليه افواه البنادق
-ابتعد عن الباب يا دكتور ..
-رجع احمد خطوتين بهيئة المعتاد على هذا الامر .. ومن خلفه اخواته اللواتي يكملن التلفع بحجابهن
-فين ابوك .. الجندي صارخا
ما كاد احمد يفتح فمه حتى خرج رجل عليه هيبه ووقار ومن خلفه زوجته التي تلفعت بملائمة سريرها
-ها انا ذا ..
اتجه جنديان مباشره اليه يقيدانه جاثيا على ركبتيه
على صوت اغلاق القيود فتحت صغيرتنا عينيها .. ورأت ابيها المقيد فحدقت بعينين لا تفهمان ما يجري
انفجر احمد غاضبا في وجه الضابط فعاجله بصفعه اردته ارضا
-ستكون معه ايها الحنون
حين حدّ احمد النظر الى ذلك الجندي بغضب وهم يشرعون في تقديده هو الاخر تسمرت الاء على اريكتها لا تصدق ان ذاك القوي اخوها يضربه احد بهذه الطريقه ..
تهتهت بكلمات عدم الفهم والتصديق بتمتمات غير مفهومة وبلا وعي اتجهت الى ابيها لترتمي في حضنه خائفه مذعورة ..
وتنظر لابيها تتسائل بعينيها .. فيشفق عليها الوالد كثيرا اذ لايجد يديه ليضمها ويخفف عن قلبها المضطرب
صرخ بها الجندي – اذهبي الى امك يا بنت
نظرت اليه الصغيره بغضب وخوف وانكمشت في حضن ابيها
خاطبها والدها برفق – الاء .. حبيبتي عمو لا يقصد اخافتك هو طيب ولن يؤذذيني ..
اومأت الصغيره
-قديش بتحبي بابا .. الاب موجها الحديث للصغيره
فاعتدلت ناظره اليه تشير لعينيها - قد ما العين بتحب النور
ابتسم الوالد باشفاق .. حين تداعت دمعه لم يستطع احمد حبسها لثمن غال تدفعه صغيره ذات الثلاث اعوام نيف
-وبابا يعدك انه سيعود قريبا باذن الله .. قالها الوالد وهو يقبل جبين صغيرته
قامت بخفه الى اخيها المقيد تضمه بذراعيها الصغيرتين قائله
-وعد انك ترجع لتوديني الملعب معك
واشارت باصبعها الصغير .. منتظرة ان يمد اصبعه ويربطهما دلاله على الوعد
لكنه عاجلها بابتسامه واومألها بحب قائلا –
اجل اعدك المهم ان تسمعي كلام ماما
بضحكتها الجميله قالت – حاضر .. سأنتظرك
نظرت الاء الى الضابط المتضجر بابتسامتها البرئيه – عمو ممكن ترجعلي باب واخي قريب ..؟
فاجابها بابتسامته الصفراء البلهاء – اجل .. هيا اذهبي الى امك
ضمتها الام اليها مشفقه على صغيرتها فغياب والدها لا يعد الا بالسنين
وفي كل يوم تنتظر الاء في شرفه المنزل المطله على الشرع تنتظر رجوع والدها واخيها الاكبر ليعودا من حيث لا تعلم أين
وبعد اعوام
في غرفه اقصى المنزل ترقد سيده ذات الخمسين هدها الصبر والمرض وضعف النظر ، يحيط بها محاليل الجلوكوز التي اصبحت وثلة من الادويه جزء لا يتجزأ من غرفتها الساكنة
دق الباب .. ففتح معاذ الذي ارتاد كليه الاقتصاد ليجد دعاء ذات الثلاثه ابناء
-لماذا أتيت في هذا الوقت ..
-انتهيت من اعمالي واشتقت لرؤيه امي .. ام لديك مانع في دخولي
بادلها الضحكات
- لا ابدا .. المهم تدفعي رسم الدخول .. بالمناسبه صفاء اتصلت .. ستأتي اليوم بأبنائها فقد اعتقل زوجها منذ يومان
-أيـــه ومن منها سلم
-اين الاء
وهناك حيث تقف فتاه جمليه الروح والمحيا كعاده لا تفارقها منذ عشرين سنه
تداعب خاتما يحيط باصبعها الاوسط اهداه اليها زوج المستقبل .. ترفع عينيها الى الافق
- طال اشتياق العين للنور يا ابتي .... متى تعود............منقول