المجاهد في سبيل الله مشرف قســم
عدد الرسائل : 268 العمر : 42 المزاج : 0 ا المهنة : الهوايــة : : .. : تاريخ التسجيل : 24/05/2008
| موضوع: ردا للمسيئين .......بلاغة النبي السبت يونيو 07, 2008 11:43 pm | |
| رداً للمسيئين .. بلاغة النبي محمد د. عماد الدين الجبوري كاتب واكاديمي عراقي
في 3-6-2008 نشرت صحيفة "أدراسه" في النرويج رسماً مسيئاً إلى نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم. ويبدو أن هذا العمل المشين هو جزء من سلسلة غربية مفتوحة من الإساءات لنبينا الكريم والعياذ بالله. بدليل أن هذه الرسم جاء كتضامن مع الدانمارك بعد استهداف سفارتها في عاصمة باكستان أسلام آباد. ورغم أن الرسام النرويجي يان هيندريكسن أكد قائلاً: "لا يمكنني أبداً رسم النبي محمد فقط من أجل الاستفزاز". بل أراد إظهار أن المهاجم على السفارة الدانماركية "يتستر بالإسلام". إلا أن هذه التبريرات وغيرها أصبحت لا تنطلي حتى على السذج من الناس. لأن المهاجم إذا كان فرداً أو جماعة متشددة سواء عند السلفيين من المسلمين أو الانجيليين من المسيحيين، فما ذنب أنبياء الله في ذلك. ولماذا نخلط بين الحابل والنابل في هكذا مسائل حساسة وخطيرة؟ فمن الواجب الأخلاقي على أقل تقدير أن تكون لدينا رؤية موضوعية واتزان عقلي في حكمنا أو موقفنا حيال هذه المسائل التي تمس مشاعر أكثر من مليار مسلم.
وهنا لا نروم إلى لغة الحقد والكراهية التي تزيد في البغضاء والشحناء. ولكننا نقول أن هيندريكسن وغيره من الذين يقدمون على إساءة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أنهم لم يطلعوا شيئاً على حقيقته، وإلا ما أقدموا على ما فعلوه. ولذلك نرد عليهم بخصلة من خصاله الكثيرة: كان نبي الإسلام محمد بن عبد الله (570-633) أفصح العرب قاطبة، وكان القرآن خُلقه. وإذا كانت هذه المنزلة اللغوية الفائقة التي يتمتع بها نبي الله ورسوله، فأنه علية الصلاة والسلام كانت له أيضاً من الصفات والحسنات التي توقره بين أهل قريش قبل النبوة. ومنها على سبيل الذكر لا الحصر، كان يسمونه "الصادق الأمين". وعندما قال له أبو بكر الصديق (573-635)، لقد طفت في العرب وسمعت فصحائهم فما سمعت أفصح منك فمن أدبك. كان جوابه (ص): "أدبني ربي فأحسن تأديبي". وهكذا كان عليه السلام له ناصية الكلام في البيان والفصاحة والبلاغة، حيث لم يصلها أحد من فطاحل أمة العرب. ومن معجزاته اللغوية كان يخاطب بقدرة عالية كل قوم بحسب لهجتهم وفصاحتهم وكلامهم من اللغة العربية. ومن المعلوم أنه لا يمكن لأي شخص أن يشترك بلغة قوم ما اشتراكاً فعلياً بحيث يدرك دقائقها وغرائبها من اللغات الأخرى، إن لم يكن قد نشأ بين ظهرانيهم. أو له صلة ما تجمعه معهم، أو على الأقل يكون قد درسها وتعلمها أو حتى سمع أخبارها. وكل ذلك يتطلب معرفة واختلاط ومعلمين وسفرات ورحلات ينتشر خبره بين قبائل العرب. في حين أنه (ص) لم يكن بهذا من شيء البتة. سوى نشأته التي يقول هو عنها: "أنا أفصح العرب، بيد أني من قريش، ونشأت في بني سعد أبن بكر". وعن منطق محمد (ص)، يقول هند بن أبي هالة مجيباً على سؤال الحسن بن علي (رض) في معرض وصفه لرسول الله (ص) ما يلي: "كان رسول الله (ص) متواصل الأحزان، دائم الفكرة ليست له راحة، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتح الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم فضلاً لا فضول فيه ولا تقصير، دمثاً ليس بالجافي ولا المهين، يعظم النعمة وإن دقت لا يذم شيئاً، لم يكن يذم ذواقاً ولا يمدحه، ولا يقام لقضية إذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها فضرب بأبهامه اليمنى راحته اليسرى، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضً طرفه، جل ضحكهِ التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام". وكذلك أشارت عائشة (رض) عن منطق محمد (ص) قائلة: "ما كان رسول الله (ص) يَسرُدُ كسردكم هذا. ولكن كان يتكلم بين فصل، يحفظه من جلس إليه". ويروى بأن النبي عليه الصلاة والسلام بينما هو جالس ذات يوم مع أصحابه، إذ نشأت سحابة، فقالوا يارسول الله، هذه سحابة! فقال: كيف ترون قواعدها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد تمكنها! قال: وكيف ترون رحاها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد استدارتها! قال: وكيف ترون بواسقها؟ قالوا: ما أحسنها وأشد استقامتها! قال: وكيف ترون برقها؟ أوميضاً أم خفياً أم يشق شقاً؟ قالوا: بل يشق! قال: فكيف ترون جوفها؟ قالوا: ما احسنه وأشد سواده! فقال عليه السلام" الحياء الحياء (المطر). فقالوا: يارسول الله، ما رأينا الذي هو أفصح منك. قال: وما يمنعني من ذلك؟ فإنما أُنزل القرآن بلساني، لسان عربي مبين. وكان علية أفضل الصلاة والسلام يبعث بكتبه التي فيها من اللغة الغريبة بحسب القوم الذين يفهمونها. ومنها كتابه إلى همدان في اليمن حيث جاء فيه: "إن لكم فراعها ووهاطها وعَزازها، تأكلون عَلافها وترعون عفاءها؛ لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة، ولهم من الصدقة الثًلًبُ والناب والفصيل والفارض والداجن والكبش الحوري، وعليهم فيها الصالغ والقارح". وكذلك بالنسبة إلى كتابه الذي أرسله إلى ملك الحبشة النجاشي فقد جاء فيه: "سِلمَ أنت. فأني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه. واني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والمولاة على طاعته، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فأني رسول الله. وقد بعثت إليك أبن عمي جعفراً ونفراً معه من المسلمين، فإذا جاءك فأقرهم ودع التجبر... فإني أدعوك إلى الله فقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحي. والسلام على من أتبع الهدى". أنه تبليغ من نبي مُرسل إلى ملك مسيحي يتصف بالعدل. أنه بلاغ بالتعبير عن عقيدة الإسلام تجاه المسيح وأمه البتول. أنه أشارة إلى ديانتين سماويتين من رب واحد، وعلى الملك أن يختار بين التقرب أو التباعد. كان أسلوبه عليه السلام في الخطابة والكلام والمراسلة والكتابة يجمع بين عميق العبارة وجزيل المعنى والسلاسة والوبساطة والوضوح والانسياب وفق الجانب الذي يريد إبلاغه. كان أسلوبه خالياً من زخرف القول، لا مشقة فيه ولا صعوبة، لا التفاف يعتريه ولا حيلة. لذلك يشير (ص) في بعض أقواله: "أن الله تعالى يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها". " هلك المُتنطعُون". وهم المبالغون في الأمور. "إنً مِن أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحسنكم أخلاقاً، وإنً أبغضكم إلي، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيقهون". ورغم المنزلة التي ينفرد بها النبي محمد (ص) في الفصاحة والبلاغة والكلام. إلا أنه لم يكن شاعراً قط. ولذلك نجد قوله تعالى: "وما علمناه الشعر وما ينبغي له إنه هو إلا ذكر وقرآن مبين" (69:36). بل ولم يكن (ص) يردد بيت شعر كامل، إذا أما أن يأخذ بالصدر أو بالعجز. كما أنشد في أحد المرات صدر البيت للشاعر لبيد: "ألا كل شيء ما خلا الله باطل". حيث عمد عليه السلام إلى تصحيحه دون أن يتناول العجز الذي يقول فيه لبيد: "وكل نعيم لا محال زائل". أما إذا تناول النبي (ص) بيتاً من الشعر، فإنه لا ينشده على الوزن الواجب له. وإنما يخرجه عن سياقه الوزني لكي لا يكون شٍعراً. كما في إنشاده إلى بيت العباس بن مرداس فقال: أتجعل نهبي نهب العبيد بين (الأفرع) عينه. في حين أن الأصل" "بين عينه والأفرع". ولم ينطق في شيء من الوزن إلا في ضربان من الرجز وهما: المنهوك والمشطور. فعن الأول، بحسب رواية البَراء: أنه رأى النبي (ص) على بغلة بيضاء يوم أُحد وهو يقول: أنا النبي لا كذب أن أبن عبد المطلب أما الثاني، في رواية جندب: أنه (ص) دَميَت أصبعه فقال: هل أنتِ إلا أصبعٌ دميتِ وفي سبيل الله ما لقيتِ وأصل الرجز يعتبر ضرب من الوزن، كما في وزن السجع، ليست له صلة ما بالشِعر. ولذلك يتناوله العامة من الناس وينتشر فيما بينهم بشكل فطري فيه نغمة كلامية منسابة في شطريه، ولا يختلف عن السجع إلا في إلزام حرفي الروي في كل شطر. ولكن أخذ به الشعراء فيما بعد وصقلوه في أوزان الشِعر، وما يترتب على ذلك من تنظيم لغوي في القصيدة. ورغم أن السجع موجود في القرآن وفي الأحاديث النبوية بحكم لغة وأسلوب ذلك العصر. إلا أنه يأتي وفق مخاطبة توقظ السامع وتنبه للحقائق. وليس كما كان يفعل الكهنة في سجعهم حيث يخدعون السامع بتزيين الألفاظ كأنها طلاسم غيبية يبغون بها التأثير الشيطاني. فعندما كتب إليه أبو سفيان (-651) كتاباً يطلب منه بعض الأشياء ومنها: "نصف نخيل المدينة ... وإلا أبشر بخراب الديار وقلع الآثار". فكتب إليه عليه الصلاة السلام بكتاب جاء فيه: "وصل كتاب أهل الشرك والنفاق والكفر والشقاق، وفهمت مقالتكم. فوالله ما لكم عندي جواب إلا أطراف الرماح وأشفار الصفاح، فأرجعوا ويلكم عن عبادة الأصنام، وابشروا بضرب الحسام، وبفلق الهام ..." وكذلك في قوله الذي ينساب فيه السجع وفق طبيعته وسجيته اللغوية: "أن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال". هكذا كان عليه السلام آية في البلاغ والبيان وجمع الكلم، أسلوباً وتعبيراً وتبليغاَ وأداءً. لا إفراط ولا تفريط، لا غموض ولا إغراب ولا كلفة، لا حشو ولا تكرار ولا زيادة. بل الاعتدال في المخاطبة والتفسير والتفصيل لأمر ما أو شيء ما يتصل بالدين أو الدنيا | |
|
ندى الايام مشرف قســم
عدد الرسائل : 287 العمر : 39 المزاج : 0 : .. : تاريخ التسجيل : 30/03/2008
| موضوع: رد: ردا للمسيئين .......بلاغة النبي الأحد يونيو 08, 2008 12:46 am | |
| مشكور اخي عالموضوع و ان شاء الله تفيدنا بالمزيد | |
|