الغزوة التالية هي غزوة حمراء الأســد .
حمراء الأسد جبل أحمر جنوب المدينة على 20 كم
و قد قامت هذه الغزوة يوم الأحد 16 من شوال 3 هــ .
وكانت يوم الأحد لثمان خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا ، ودخل المدينة يوم الجمعة وغاب خمسا . قالوا لما صلى رسول
الصبح يوم الأحد ومعه وجوه الأوس والخزرج ، وكانوا باتوا في المسجد على بابه - سعد بن عبادة ، و حباب بن المنذر و سعد بن معاذ ، و أوس بن خولي و قتادة بن النعمان ، وعبيد بن أوس في عدة منهم . فلما انصرف رسول الله
من الصبح أمر بلالا أن ينادي إن رسول الله يأمركم بطلب عدوكم ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس ( غزوة أحد ) .
وخرج رسول الله
وهو مجروح في وجهه أثر الحلقتين ومشجوج في جبهته في أصول الشعر ورباعيته قد شظيت وشفته قد كلمت من باطنها ، وهو متوهن منكبه الأيمن بضربة ابن قميئة وركبتاه مجحوشتان . فدخل رسول الله المسجد فركع ركعتين والناس قد حشدوا .
ونزل أهل العوالي حيث جاءهم الصريخ ثم ركع رسول الله
ركعتين فدعا بفرسه على باب المسجد وتلقاه طلحة رضي الله عنه وقد سمع المنادي فخرج ينظر متى يسير رسول الله فإذا رسول الله
عليه الدرع والمغفر وما يرى منه إلا عيناه فقال : يا طلحة سلاحك فقلت قريبا . قال طلحة فأخرج أعدو فألبس درعي ، وآخذ سيفي ، وأطرح درقتي في صدري ; وإن بي لتسع جراحات ولأنا أهم بجراح رسول الله مني بجراحي .
ثم أقبل رسول الله
على طلحة فقال ترى القوم الآن ؟ قال هم بالسيالة . قال رسول الله
ذلك الذي ظننت ، أما إنهم يا طلحة لن ينالوا منا مثل أمس حتى يفتح الله مكة علينا . وبعث رسول الله
ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم سليطا و نعمان ابني سفيان بن خالد بن عوف بن دارم من بني سهم ومعهما ثالث من أسلم من بني عوير لم يسم لنا . فأبطأ الثالث عنهما وهما يجمزان وقد انقطع قبال نعل أحدهما ، فقال أعطني نعلك . قال لا والله لا أفعل فضرب أحدهما برجله في صدره فوقع لظهره وأخذ نعليه .
ولحق القوم بحمراء الأسد ولهم زجل وهم يأتمرون بالرجوع وصفوان ينهاهم عن الرجوع فبصروا بالرجلين فعطفوا عليهما فأصابوهما . فانتهى المسلمون إلى مصرعهما بحمراء الأسد فعسكروا ، وقبروهما في قبر واحد
فقال ابن عباس ( هذا قبرهما وهما القرينان