الأدب الفلسطيني تحت الاحتلال و في المهجر
الحرب النفسية ودور الخوف من المجهول في الهزيمة أمام العدو
الفصل الأول: اليهودي الغول
أول صورة يمكن إن تصل إلى خيالنا عند أول ذكر لكلمة "يهودي" هو ذلك الوحش الغامض الذي لا يملك أي ملامح ولا نستطيع أن نصفه بأكثر من كلمة "غول" !؟.
-"الغول"... سيأتي ليبتلعك ويأخذك معه ليطعمك إلى صغاره!؟.
بمثل تلك العبارات كانوا أهلنا يرعبوننا حتى نطيعهم ونلتزم بتعليماتهم لكي لا نتكلم مع غريب أو نفتح الباب -أثناء غيابهم- لأي طارق !؟.
ولهذا التصقت صورة "اليهودي" بشكل وحش خارق بشع لا ملامح له كالغول تماما قادر أن يصل ألينا ويقضي علينا لمجرد أن نتيح له الفرصة !؟.
إنها ثقافة الرعب تلك التي كانت تساهم بها أمهاتنا وأهالينا جنب إلى جنب مع الإعلام العربي حتى أصبح كابوسا يلازمنا في غفلتنا أو استيقاظنا دون أي عون أو دعم يزيل عن كواهلنا الغضة البريئة هذا الخوف من المجهول... فهو بلا ملامح ...بلا هيئة... بلا صورة واضحة... ولا وسيلة لدينا للتعرف إليه حتى نستطيع أن نحاربه ونرسم خطة للقضاء عليه.
وأنا أتصور بأنها كانت اكبر الأخطاء التي كان يتبعها الموجهين والمسئولين والإعلاميين في ممارسة تربيتهم وتوجيههم ولا زالوا -بطرق أخرى- حتى انقلبت كذبتهم ولعبتهم عليهم فأصبحوا هم أولى ضحايا هذا الخوف من المجهول "الغول" القادم من لا مكان !؟.
واذكر أول مرة رأيت فيها يهوديا هو عند عرض محاكمة الجاسوس "كوهين" على التلفزيون السوري وكنت يومها في السادسة من العمر...وأصبت بالذهول والاضطراب والصدمة !؟.
-انه رجل مثلنا !؟. (تساءلت) له عيون وفم وانف ورأس مثلنا تماما ويتكلم مثلنا ولكن بلغة أخرى هي لغة الغيلان اليهود !؟.
منذ الآن استطيع أن أضع الخطط المناسبة لمحاربته والوقوف بوجه ومحاربته.
وأظن بان احد أسباب هزائم العرب كلها بمواجهة اليهود هو هذا الرعب الذي زرع -عن نية حسنة أو سوء تقدير- في نفوس العرب منذ صغرهم دون أي حساب للعواقب الوخيمة التي يمكن أن ندفع ثمنها.
ودفعنا الثمن غاليا بضياع الوطن وضياع المقدسات وضياع الحرية تحت ستار استردادها (أي الأوطان) فغرقنا بالتخلف والجهل والفقر والظلم ستين عاما ولا نزال.