الانسان الاول
ا
واشنطن- أسوشيتد برس- قالت دراسة حديثة إن الجنس البشري شارف على الانقراض قبل 70 ألف سنة، إذ انحصرت الكثافة السكانية البشرية في تلك الفترة بمجموعات صغيرة معزولة في أفريقيا، بسبب الجفاف . وأشارت الدراسة إلى أن بحثا أعده علماء في جامعة ستانفورد قدر عدد البشر في تلك الفترة بنحو ألفي إنسان فقط، قبل أن يتكاثروا في بداية العصر الحجري.
و يقول سبينسر ويلز المسؤول في الجمعية الوطنية الجغرافية إن "هذه الدراسة تبين الأثر العميق للجينات على كشف واحد من أهم أسرار الجنس البشري، إذ أن الظروف البيئية والمناخية التي أجبرت البشر على الانعزال والتقلص، تحولت إلى ملحمة درامية مكتوية على صفحات الحمض النووي البشري."
وكانت دراسات سابقة على الحمض النووي الميتوكندوري الذي تنقله الأمهات للأبناء، تتبعت السلالة البشرية حتى وصلت إلى إمرأة يعتقد بأنها حواء عاشت قبل نحو 200 ألف عام في أفريقيا.
ويبدو أن هجرة البشر من أفريقيا ليستوطنوا بقية العالم بدأت قبل نحو 60 ألف عام، لكن القليل عرف عن الفترة التي سبقت هذه الهجرة.
والدراسة الجديدة تبحث في الحمض النووي الميتوكندوري لشعوب "الكهوي" و"السان" في جنوب أفريقيا، الذين يعتقد أنهم انحدروا من سلالة البشر الذين عاشوا قبل نحو 90 إلى 150 ألف سنة.
ووجد الباحثون أن البشر عاشوا في مجموعات صغيرة معزولة قبل العصر الحجري، عندما تجمعوا مع بعضهم البعض وتكاثروا وهاجروا على المزيد من المناطق.
وعانت المناطق الشرقية من أفريقيا سلسلة من موجات الجفاف حدثت قبل نحو 90 إلى 135 ألف عام، ويقول الباحثون إن هذا التغير المناخي أسهم في التغير السكاني، إذ قسم البشر إلى مجموعات صغيرة تمكنت من البقاء.
وعلق الخبير الجينوجغرافي ميف ليكي على نتائج الدراسة قائلا "من كان يعتقد أننا قبل فترة ليست ببعيدة جدا كنا فقط ألفي إنسان.. التغيرات المناخية وقتها جعلتنا نقف على حافة الانقراض."
ووفقا لتقديرات مكتب إحصاءات السكان في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن عدد سكان كوكب الأرض من البشر اليوم يبلغ نحو 6.6 مليارات إنسان.
وقام ويلز وزملاؤه بتحليل 624 مجموعة عوامل وراثية كاملة من الأحماض النووية التي تنتقل من الأمهات لدى الشعوب الإفريقية. وراقب الباحثون التغيرات في العينات الجينية، فاكتشف فريق البحث ان السكان الذين كانوا في الأصل في إفريقيا الشرقية انقسموا قبل 150 ألف سنة فتوجه قسم منهم شمالاً وآخر جنوباً.
وقال دورون بيهار وهو باحث في مركز رامبام الطبي في حيفا ان "الجنس البشري بقي مفترقاً طوال مئة ألف سنة ثم قبل 40 ألف سنة اجتمع البشر وأصبحوا جزءاً من شعب إفريقي موحد".
وقال الباحثون انه في حين ما زال من غير الواضح لماذا انقسم البشر في البدء، فالأرجح ان العامل المناخي لعب دوراً أساسياً في ذلك. وقال ويلز "الأرجح ان عوامل مناخية كبرى ساهمت في مسألة الانفصال". وأضاف "انخفض عدد السكان إلى أقل من ألفي شخصاً والأرجح ان عدة مئات ذهبت مع كل مجموعة". وشدد "كنا على وشك الانقراض".
من جهته قال كولن غروفز عالم الإنسان في الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبرا ان نتائج الدراسة "تذكرنا انه قبل انتشار البشر خارج إفريقيا كانت أمور عدة تجري في داخل القارة.. كان التحضير جار لحصول انقسامات". وأضاف "ان التنوع البشري داخل إفريقيا كان مذهلاً ومن خلال التركيز على الشعوب الإفريقية كنا نميل إلى نسيان التنوع أو غض النظر عنه".
لكن عالم الآثار بيتر فوستر قال ان "خلاصات الدراسة ليست مفاجئة فقد أشرنا إلى أمور من هذا النوع منذ العام 1997 ومن الجيد أن نجد ان تحليلات مستقلة تصل إلى نتائج كالتي كدنا نصل إليها".
ورغم ان لا نية لاستخدام النتائج الجديدة في المجال الطبي، إلاّ ان خبيراً قال انها قد تحمل قدرات طبية هائلة. وقال أنطونيو تورينو أحد علماء الجينات في إيطاليا "ان هذه الدراسة ستستخدم في الأبحاث الجينية المقبلة حول الشعوب الإفريقية، وبخاصة دراسات الأمراض".